جريمة اختراق البريد الإلكتروني في القانون المصري
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في استخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، وأصبح البريد الإلكتروني أحد أبرز وسائل التراسل الشخصي والمهني. ومع هذا الانتشار، ظهرت جرائم إلكترونية متعددة، من أبرزها جريمة اختراق البريد الإلكتروني، والتي تُعد اعتداءً مباشرًا على الخصوصية وحرمة الحياة الخاصة، وقد عالجها المشرع المصري في إطار قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018.
أولًا: تعريف جريمة اختراق البريد الإلكتروني
اختراق البريد الإلكتروني يعني الولوج غير المشروع إلى حساب إلكتروني يخص الغير، بهدف الاطلاع أو العبث أو السرقة أو التلاعب بالمحتوى أو استخدامه بطرق غير مشروعة. وهو صورة من صور الاعتداء على سرية البيانات والمراسلات الإلكترونية، ويُعد من الجرائم التي تقع في إطار الجريمة المعلوماتية الحديثة.
ثانيًا: الأساس القانوني في القانون المصري
نظم المشرع المصري جريمة اختراق البريد الإلكتروني في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، حيث نص في:
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدًا، أو دخل بخطأ غير عمدي وبقى بدون وجه حق، على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتي محظور الدخول عليه.
"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من التقط أو اعترض، بدون مسوغ قانوني، أية معلومات أو بيانات يتم نقلها عن طريق شبكة معلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي."
وبذلك فإن اختراق البريد الإلكتروني يندرج ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون المصري لما فيها من انتهاك لحرمة الحياة الخاصة والمراسلات الإلكترونية.
ثالثًا: أركان الجريمة
لكي تتحقق جريمة اختراق البريد الإلكتروني، يجب توافر الأركان التالية:
الركن المادي: يتمثل في فعل الدخول غير المشروع إلى بريد إلكتروني دون إذن من صاحبه، سواء تم الاطلاع أو التلاعب بالمحتويات أو لم يتم.
الركن المعنوي: يتطلب توافر القصد الجنائي، أي أن يكون الجاني على علم بأن دخوله غير مصرح به، وأنه يرتكب فعلًا مخالفًا للقانون.
الركن الشرعي: وهو وجود نص قانوني يُجرم هذا الفعل، كما في المواد المشار إليها أعلاه من قانون جرائم تقنية المعلومات.
رابعًا: العقوبات المقررة
تختلف العقوبة باختلاف جسامة الفعل:
الاختراق فقط دون استخدام أو إفشاء للمعلومات: الحبس من سنة وغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه.
الاختراق المتبوع بنسخ أو إفشاء أو استخدام للبيانات: يعاقب بعقوبة أشد ، والتي قد تصل إلى الحبس ثلاث سنوات وغرامة قد تصل إلى 200 ألف جنيه.
خامسًا: علاقة الجريمة بجرائم أخرى
قد تتقاطع جريمة اختراق البريد الإلكتروني مع جرائم أخرى مثل:
جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة
جريمة السب والقذف الإلكتروني.
جريمة الابتزاز الإلكتروني إذا استُخدم البريد في تهديد أو استغلال الضحية.
خاتمة
يمثل اختراق البريد الإلكتروني جريمة تمس حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان، وهو الحق في الخصوصية وسرية المراسلات. وقد جاء قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ليواكب التطورات الرقمية ويضع إطارًا قانونيًا لحماية المواطنين من هذه الجرائم. إلا أن التحدي لا يزال قائمًا في ضرورة رفع الوعي المجتمعي وتعزيز قدرات أجهزة إنفاذ القانون لملاحقة مرتكبي تلك الأفعال